الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمي
احمده سبحانه حمد العارف بفضله الراغب فيما عنده المستعين بقوته الراجي رحمته
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اصطفى من الناس صفوته
وارسل الينا في شخص نبيه رحمته
وامرنا بالسير على نهجه واتباع سنته
صلى الله عليه بلغ في كل خٌلق جميل ذروته
وعلى اله الطيبين الذين هم خاصته وعطرته
وعلى صحبه المنتجبين الذين اختصهم الله فنالو صحبته
وسلم تسليما كثيرا
وبعد؛
احبتي في الله ...
ذكرنا امس من كلام العلامة ابن القيم في كتابه القيم (زاد المعاد)
ما اورده من حديث أبي أمامة وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ((أيما امْرىءٍ أَعْتَقَ امرءَاً مسلِماَ، كَانَ فِكَاكَه مِنَ النَّار، كلُّ عضوِ مِنهُ عضواً مِنهُ
وَأَيّمَا امْرىءٍ مسلِم أَعتَقَ امْرَأَتين مسْلِمَتَين، كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ
يجَزِىءُ كل عضوين مِنهُمَا عُضواً منِهُ))
ولما في هذا الحديث من شبهة ان الاسلام قد ظلم المرأة فكان لزاما ان نذكر الادلة القرآنية
والمادية على ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي ساوى بين جميع اطيافه وافراده
ولما ذكر المصنف بعد ذلك الحديث من شأن العقيقة فكان لزاما ايضا ان نذكر طرفا
من الحديث عن احكام العقيقة وعلة من تجب وكذلك عن صفتها
العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن الطفل، وهي في حق والد الطفل سنة
مؤكدة غير واجبة بل سنة مؤكدة، عن الطفل الذكر اثنتان وعن الأنثى واحدة من الغنم
مثل الضحية يذبح ضأن أو ثني معز نعم هي حق على الوالد حيث انه المكلف بالنفقة
وان كان في غيابه التكليف ينتقل إلى من يليه من العصبة كان حقا عليهم بالتبعية
وشروط الذبيحة في العقيقة كشروط الاضحية تماما بتمام
فبالنسبة للغنم (( ضأن تعدى الستة اشهر ) او ( ماعز ثني)
ويشترط فيها ايضا ان تكون سليمة من كل عيب ظاهر
فلا تجزئ العرجاء ولا العوراء ولا الهزيلة
وفي العقيق لا يجزئ سوى ماكان من الغنم ولم يرد انه اشترك سبعة مثلا
في ناقة او بقرة للعقيقة كما في الاضحية
والسنة أن تكون الشاتان متكافئتين متقاربتين في السِّن والصفة، وأن تكون في سن الضحية
جذع ضأن أو ثني معز فأعلى، والسنة أن تذبح يوم السابع، هذا هو الأفضل وإن تأخرت فلا حرج
لكن الأفضل يوم السابع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى)
فالسنة أن تذبح يوم السابع وأن يحلق رأسه عن الذكر وأن يسمى، هذا هو السنة
والسنة فيها: أن يأكل ما شاء منها ويطعم ما شاء، أو يوزعها كلها على الفقراء والمساكين
والأقارب والجيران، أو يوزع بعضاً ويأكل بعضاً، الأمر فيها واسع بحمد لله
إن ذبحها وقسمها على الجيران والأقارب والفقراء فلا بأس، وإن دعا إليها الجيران
والأقارب وبعض الفقراء فلا بأس، وإن وزع بعضاً وطبخ بعضاً ودعا من شاء من إخوانه فلا بأس
الأمر فيها واسع، والحمد لله.
قالــوا: جعل القرآن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل
في قوله سبحانه :
(( وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ))(البقرة: 282)
فزعموا أن في ذلك انتقاصاً للمرأة، واستهانة بها
والجـواب: الأمر الوارد في الآية ليس موجهاً إلى القاضي والحاكم، كما يظن الكثيرون
إنما هو لصاحب المال الذي يداين آخر، فأمره الله بكتابة الدَيْن لحفظه ؛ فإن عجز عن ذلك،
فليستشهد عليه شهيدين من الرجال، أو رجلاً وامرأتين، حتى لا يضيع حقه بنسيان
المرأة الواحدة لمثل هذا الأمر، الذي لا تضبطه النساء عادة.
وقد عللت الآية السبب الذي لأجله طلب الله من صاحب الدين الاستيثاق لماله
بشهادة امرأتين أو رجل واحد وامرأتان
(( أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ))
أي خوف نسيانها فحسب، لأن المسائل المالية مما لا تضبطه النساء ولا تعنى به عادة.
وضلالها وخطؤها ينشأ من أسباب مادية بحتة، لعل أهمها قلة خبرة المرأة
بموضوع التعاقد مما قد يجعلها غير حافظة لكل دقائقه وملابساته.
أن شهادة المرأة في المحاكم والقضاء بنصف شهادة الرجل
فالقاضي يقضي بما يتيـسر له من الأدلة، عملاً بقوله
«البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه»
وقد يقضي القاضي بشهادة رجل واحد أو بشهادة امرأة واحدة، أو بأقل من ذلك
كما يوضحه ابن القيم بقوله: "إن البينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره
وهي تارة تكون أربعة شهود، وتارة ثلاثة، بالنص في بينة المفلس، وتارة شاهدين
وشاهد واحد، وامرأة واحدة، وتكون نُكولاً [امتناعاً عن اليمين] ..
فقوله صلى الله عليه وسلم «البينة على المدعي»
أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكم له
واما ردا على من قال ان الاسلام ونبي الاسلام انتقص المرأة لما قال
عنها ناقصة عقل ودين كم في الحديث الذي
رواى البخاري عن أبي سعيد الخدري ومسلم عن ابن عمر واللفظ له
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ..ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن
قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين، قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل
شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
فكما رأينا ان النبي صلى الله عليه وسلم رد على هذه الشبهة فلم يحوجنا الى الرد عنه
صلى الله عليه وسلم حيث بين انها غير ملامة في هذا النقص لأنها غير قادرة على دفعه
وقد أشار الله تعالى إلى وجه ضعفها في الشهادة بقوله
أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فقد تنسى عند أداء الشهادة فتذكرها الأخرى
ولذلك لا يحق للقاضي التفريق بينهما عند الشهادة، وقد ذكر بعض اهل العلم
أن العلم الحديث قد اكتشف أن لكل من الرجل والمرأة مركزين في الدماغ
مركزاً للكلام ومركزاً للتذكر، وأن الرجل إذا تكلم عمل واحد وبقي الآخر للتذكر
وأما المرأة فإذا تكلمت عمل المركزان، ولذا لا تستطيع التذكر التام لما تشهد به
فتذكرها أختها لئلا يفوت مقصود الشهادة.
والله أعلم
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد آله وصحبه والتابعين
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين