إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ، إنه من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له
واشهد ان محمدا عبده ورسوله
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا
الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله
فقد فاز فوزا عظيما
ثم اما بعد
حياكم الله جميعا ايها الاخوة الاعزاء والاخوان الفاضلات
واسأل الله كما جمعنا في الدنيا على طاعته ان يجمعنا مع حبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم في جنته
ودار مقامته إنه ولي ذلك ومولاه
تكلمنا امس في عجالة عن السيدة الطاهرة المطهرة امنا ام المؤمنين حبيبة سيد الاولين والاخرين
السيدة عائشة بنت ابي بكر الصديقة ابنة الصديق
ولم نوفها حقها ولكن اشتهار ذكرها يغني عن الاسهاب في ذلك
والليلة موعدنا مع الصوامه القوامه زوجة النبي فى الجنه
موعدنا مع ام المؤمنين حفصة بنت عمر ابن الخطاب
رضي الله عنها وعن ابيها وعن سائر الصحب الكرام وعنا معهم برحمتك يا ارحم الراحمين
انبت الله السيدة حفصة نباتا حسنا حيث تربت في بيت الفاروق ومن الفاروق الملهم المحدث
تزوجت رضي الله عنها من صحابي جليل من السابقين الى الاسلام وهو خنيس ابن حزافة رضي الله عنه
الذي اسلم على يد ابي بكر الصديق قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الارقم
وهاجرت معه الهجرة الاولى الى الحبشة وعادا مع العائدون بعد فتنة الغرانيق المشهورة
http://www.alsiraj.net/eftraa/html/page12.htmثم لما اذن النبي بعد ذلك بالهجرة الى المدينة كانا من اوائل المهاجرين اليها
ولما كانت غزوه بدر التى كتب الله فيها النصر للمسلمين كان خنيس من ابطال هذه الغزوه واصيب بجراح
شديده ومع ذلك ظل صامدا يحارب لكى
يعلى كلمه الله سبحانه وتعالى وعاد الى المدينه ومات متاثرا بجراحه
تالم عمر لابنته الشابه التى ترملت فى الثامنه عشرة من عمرها واوجعه ان يرى الترمل يغتال شبابها
فعرضها ابوها على ابى بكر الصديق فلم يجبه بشىء
وعرضها على عثمان بن عفان فقال بدا لى ان لا اتزوج اليوم فوجد عليهما وانكسر قلبه وشكى الى رسول
الله عليه الصلاه والسلام فقال
(يتزوج حفصه من هو خير من عثمان ،ويتزوج عثمان من هى خير من حفصه ) فكان هو صلى الله عليه
وسلم خير الخلق جميعا زوجها ، وزوج النبي عثمان ابنته صلى الله عليه وسلم
وكان ذلك سنه ثلاثه من الهجره قبل غزوه احد واصدقها ربعمائه درهم
وكانت حفصه تحتل مكانة عالية فى قلب النبى صلى الله عليه وسلم وكانت منزلتها بين ازواجه ايضا عالية
حتى ان امنا عائشه رضى الله عنها تقول هى التى كانت تسامينى من ازواج النبى صلى الله عليه وسلم
وتساميني أي تسموا الى مرتبتي بمعنى انها كانت تقترب الى مكانتها في قلب النبي
ولقد عاشت مع الحبيب اجمل ايام عمرها فكانت كل يوم تزداد علما وفقها
وطاعه لله جل وعلا ولم لا وهى التى تنهل من النبع الصافى
ولقد كانت تتسابق مع ازواج النبى صلى الله عليه وسلم الى مرضات رسول الله
وفى يوم من الايام طلق الحبيب حفصه ( وقصة طلاقها مشهورة وقيل بل طلق نساءه جميعا والصحيح انه
طلقها هي ) فانكسر قلبها واظلمت الدنيا كلها فى عينها وهى لا تصدق ان زوجها وحبيبها ونبيها قد طلقها
واذا بالامين جبريل عليه السلام ينزل بامر من الملك جل وعلا يشق السبع الطباق ليامر الحبيب بان يراجعها
فقد جاء فى الحديث ان النبى صلى الله عليه وسلم طلق حفصه ثم راجعها بامر من الله عزوجل وقال له
جبريل (انها صوامه قوامه وهى زوجتك فى الجنه)
كما روى ذلك انس ابن مالك واويس ابن سعد عن النبي وصححه الالباني مرفوعا في السلسلة الصحيحة
عرفت امنا حفصة بالعلم والفقه والتقوى وهذه الصفات احلتها محلا كريما لدى الحبيب صلى الله عليه
وسلم وظلت تحتفظ بهذه المكانه فى عهد خلافة ابيها فكثيرا ما كان يركن الى ارائها واحكامها الفقهيه ومن
ذلك سؤاله لها كم اكثر ما تصبر المراه عن زوجها فقالت سته او اربعة اشهر
وكما كانت مرجعا لكثير من الصحابة في مجال الحديث النبوي الشريف والعبادة وكما ان ابا بكر الصديق قد
اختار ام المؤمنين حفصة رضي الله عنهما من بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لتكون حافظه للقران
الذي جمعه فقد كانت تتقن القراءة والكتابة في عهد كان القليل من الرجال من يعرف القراءة والكتابة فكيف
بالنساء
ظلت حفصه مثالا للزوجه الوفيه الصادقه التى لا تدخر جهدا فى اسعاد زوجها ومازالت السعاده تخيم على
هذا البيت المبارك الى ان جاء اليومالذى فيه اظلم الكون كله لما توفى الحبيب صلى الله عليه فاعتصر قلبها
من الحزن على وفاه الحبيب الذى كان روجها وحبيبها ونبيها صلى الله عليه وسلم
وظلت على العهد عابده لله جل وعلا حتى كانت يشهد لها القريب والبعيد بفضلها فى الصلاه والعباده
وكانت السيده حفصه تشهد امجاد ابيها وماثره وزهده وورعه وعدله وفتوحاته الى ان جاء اليوم الذى نام فيه
الفاروق على فراش الموت متاثرا بتلك الطعنة الغادرة من عدو الله ابو لؤلؤة المجوسي
فدخلت عليه السيده حفصه ابنته وبكت ساعه لموته ثم خرجت وهى تحتسب اباها عند الله جل وعلا
ومن مناقبها رضي الله عنها انها حملت امانة القرآن على اعناقها فهى التى اختارها ابى بكر ليحفظ عندها
القران الذى جمعه زيد بن ثابت من صدور الصحابة بعد مقتل الكثير من حملة القرآن في حروب المرتدين
وظلت الصحف عندها الى عهد عثمان حتى جمعه فى مصحف واحد
فى سنه احدى واربعون من الهجره النبويه شعرت ام المؤمنين بقرب اللقاء مع الله عز وجل ومع الاحبه ولم
تمضى بضعه ايام من شهر شعبان من تلك السنه حتى لحقت بالرفيق الاعلى
وطار الخبر فى ارجاء المدينه ان توفيت حارسه القران وزوج النبى صلى الله عليه وسلم واقبل الصحابة
لتشيع جنازتها وفى مقدمتهم سيدنا ابو هريره وابو سعيد الخدري وصلى عليها ان ذاك امير المدينة مروان
بن الحكم ودفنت فى البقيع ونزل فى قبرها اخوها عبد الله ، و بنو اخيها عبد الله بن عمر "عاصم وسالم
وعبد الله وحمزة" رضي الله عنهم جميعا وكان عمرها عندما توفيت ثلاثة وستون سنه
وهكذا رحلت امنا حفصة رضى الله عنها بعد حياه طويله مليئه بالعباده والبذل والتضحيه والفداء
رحلت لتلحق بزوجها وحبيبها ونبيها صلى الله عليه وسلم فى جنه الرحمن .......نعم فهى التى قال عنها
جبريل هليه السلام للنبى ( انها الصوامه القوامه وهى زوجتك فى الجنه)
فرضى الله عنها وارضاها وجعلها فى صحبه الحبيب صلى الله عليه وسلم فى جنته ومستقر رحمته انه
ولى ذلك والقادر عليه
واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين الرحمة المهداة والنعمة المسداة السراج المنير وعلى اله وصحبه ومن والاه
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين