إن السيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ هي في الحقيقة عبارة عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى المجتمع البشرى قولًا وفعلًا، وتوجيها وسلوكًا، وقلب بها موازين الحياة، فبدل مكان السيئة الحسنة، وأخرج بها الناس
من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، حتى عدل خط التاريخ وَغيَّر مجرى الحياة في العالم الإنساني
فهو الانموذج الذي وضعه رب العالمين للناس ليحزو حزوه ويقتدو باخلاقه ويهتدوا بهديه وبذلك ينالون سعادة الدارين ولا وصول
لهذه السعادة الا من هذا السبيل فكما انه لا سبيل لدخول الجنة الا من ورائه فكذلك لا سبيل لاسبابها الا من خلاله
فكان لزاما على كل عاقل ان يدرس سيرته ليعرف كيف السبيل الى جنات النعيم
فإن كنا بصدد الكلام عن نسب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما حباه الله جل وعلا حتى صار سيد ولد آدم، وهو أعظم
الخلق على الإطلاق، وأشرف الناس نسباً على الإطلاق، وهو أجملهم وجهاً وأحسنهم خُلقاً على الإطلاق، انظروا إلى نسب النبي
صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اصطفى الله من ولد إسماعيل كنانة، ثم اصطفى
قريشاً منهم، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم)، هذه السلسلة هي أفضل سلسلة على الإطلاق،
فالعرب هم أفضل الناس، وأفضل الناس من ولد إسماعيل كنانة، وأفضل ولد هؤلاء قريش، وأفضل قريش هم بنو هاشم، وأفضل
إنسان في بني هاشم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اختارنا الله جل وعلا من خير
القرون، من لدن آدم إلى القرن الذي كنت فيه)، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في خير القرون. وأيضاً في الترمذي قال: (أنا خير
الناس بيتاً، وأشرف الناس نسباً).
هو محمَّد بن عبد اللّه، بن عبد المُطَّلِب، بن هَاشِم، بن عَبدِ مَنَاف، بن قُصَيِّ، بنِ كِلاب، بنِ مُرَّة، بنِ كَعْبِ، بنِ لُؤَي، بنِ غَالِب، بنِ
فِهْر، بنِ مَالِك، بنِ النَّضْرِ، بنِ كِنَانَة، بنِ خُزَيْمَة، بنِ مُدْرِكَة، بنِ إليَاس، بنِ مُضَرَ، بنِ نِزَار، بنِ مَعَدِّ، بنِ عَدْنَان.
النسب الشريف الى عدنان متفق عليه اما ما فوق عدنان الى ابراهيم ثم الى ادم فلا يستقر في ذلك قول وفي هذا الأمر اختلاف
كثير وأوصى أهل العلم بالتوقف عن ذكر النسب من بعد عدنان
مسألة هل الذبيح هو اسماعيل ام اسحق كما ورد عند بعضهم
والصحيح المتواتر عن اهل العلم والصحابة ان الذبيح هواسماعيل والنصوص في ذلك كثيرة ولكن كتب اهل الكتاب ذكرت ان اسحق
هو من امر الله بذبحه وفي ذلك تناقض في ما ورد عندهم ففي التوراة يذكر ان الله قال لابراهيم اذبح ولدك بكرك وحيدك والمعلوم
ان ولده البكر هو اسماعيل وكان وحيده حتى بشر باسحق
{قالوا لاَ تَخَفْ إِنّا أُرْسِلْنَا إِلَىَ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} هود: 70-71
وفند رحمه الله اباطيل ما قيل في هذه المسألة ولا مجال لذكر ذلك فارج وان تكونوا اطلعتم على الجزء المنشور من الكتاب
ولكن لنا هنا وقفة يجب ان نتوقف عندها
لماذا اختاره الله من اشرف الناس نسبا وما الحكمة في ذلك ؟؟؟؟
اقتضت حكمة الله -تعالى- في خلقه، أن يصطفي رسله إليهم من ذوي الأنساب الأصيلة والأقوام العريقة، ولذلك كان أول سؤال
سأل عنه هرقل أبا سفيان أن قال له: كيف نسبه فيكم؟ -يقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجاب أبو سفيان: هو فينا ذو نسب
أي صاحب نسب شريف معروف، ثم قال هرقل في ختام الأسئلة: «سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل
تُبعث في نسب قومها» رواه البخاري
وكان لاصطفاء ذلكم النسب الطاهر أهمية كبيرة ، إذ كانت الأنظار تحيط ببيت النبي -صلى الله عليه وسلم- والمتمثل في هاشم
الجد الأعلى للنبي -صلى الله عليه وسلم- لذا حفظت سيرة ذلك البيت وأحداثه التاريخية منذ أن انتقلت الزعامة إلى هاشم حيث
تولى سقاية الحاج ورفادتهم، فأصبح قبلة وفخر قريش.
إن مكانة أسرة النبي -صلى الله عليه وسلم- جعلت أحداثها تحظى بالاهتمام والمتابعة، مما جعل أهم تفاصيلها معلومة بدقة
تامة، حتى زواج عبدالله من آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ووفاة عبدالله بعد هذا الزواج الذي خلف لعبدالله ابنه
الوحيد من آمنة والذي ولد بعد وفاته بقليل وكان هذا المولود هو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب، رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-.
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } [الفرقان:54]، وكان مقصد حفظ الأنساب من المقاصد
الأساسية التي اتفقت على رعايتها وحفظها جميع الشرائع السماوية، لذا وجدنا الأنساب والأعراق من أهم الأمور التي يتفاخر بها
الناس، ويحرصون على إبرازها وإظهارها، وكانت العرب أشهر من اعتنى بذلك، وحرص عليه، ولذلك بعث الله رسوله من أفضل قبيلة
وأشرف نسب.
فحريُّ بالمسلم أن يكون على علم بهذا النسب الشريف، ومقام صاحبه -صلوات الله وسلامه عليه-، والله نسأل أن يجعلنا من
المحبين له، والمتمسكين بهديه
هذا واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين امام المتقين سيد الاولين والاخرين الرحمة المهداة والنعمة المسداة السراج
المنير وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
اللهم اجعل جمعنا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما لا تجعل منا ولا بيننا ولا حولنا شقيا ولا محروما
اللهم امين امين امين
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين