الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين
احمده سبحانه حمد العارف بفضله الراغب فيما عنده المستعين بقوته الراجي رحمته
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اصطفى من الناس صفوته وارسل الينا في شخص نبيه رحمته
وامرنا بالسير على نهجه واتباع سنته
صلى الله عليه بلغ في كل خٌلق جميل ذروته
وعلى اله الطيبين الذين هم خاصته وعطرته
وعلى صحبه المنتجبين الذين اختصهم الله فنالو صحبته
وسلم تسليما كثيرا
أم حبيبة بنت أبي سفيان
رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
تكنى أم حبيبة، وهي بها أشهر من اسمها، وقيل: بل اسمها هند ورملة أصح، أمها صفية بنت أبي العاص
بن أمية
ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما، تزوجها حليفهم عُبَيْد الله -بالتصغير- بن جحش بن رئاب بن يعمر
الأسدي من بني أسد بن خزيمة، فأسلما، ثم هاجرا إلى الحبشة فولدت لهحبيبة، فبها كانت تكنى
وتروي لنا ام المؤمنين رملة ام حبيبة قصتها في الحبشة
فأخرج ابن سعد من طريق إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأموي قال: قالت أم حبيبة: رأيت في المنام كأن
زوجي عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة، ففزعت، فأصبحت، فإذا به قد تنصر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به،
وأكب على الخمر حتى مات، فأتاني آت في نومي فقال: يا أم المؤمنين ففزعت، فما هو إلا أن انقضت
عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن، فإذا هي جارية له يقال لها أبرهة، فقالت: إن الملك يقول
لك وكلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أمية فوكلته، فأعطيت أبرهة سوارين من
فضة، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه، وتشهد، ثم قال: أما بعد
فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كتب إلي أن أزوجه أمحبيبة فأجبت، وقد أصدقتها عنه أربعمائة
دينار، ثم سكب الدنانير، فخطب خالد فقال: قد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله -صلى الله عليه وآله
وسلم- وزوجته أم حبيبة، وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعاما، فأكلوا.
وروى ابن سعد أن ذلك كان سنة سبع، وقيل: كان سنة ست، والأول أشهر ومن طريق الزهري أن الرسول
إلى النجاشي بعث بها مع شرحبيل بن حسنة
إن الرسول صلى الله عليه و سلم في نفس الوقت الذي تزوج فيه أمنا صفية طلب الزواج من أمنا رملة
المدعوة أم حبيبةالتي صبرت فكافاها الله لصبرها هذا لكون أمنا رملة هي إبنة زعيم الكفر أبي سفيان الذي
أّلب القبائل على النبي صلى الله عليه و سلم و أيضا لتزوجها بعبيد الله إبن عمة الرسول صلى الله عليه و
سلم الذي كان و رملة من المهاجرين إلى الحبشة من أجل ’نصرة الرسول و لكن سرعان ما ارتد عبيد الله
فحزنت رملة كثيرا فما عساها تفعل و هي إبنة أبي سفيان من جهة وهي في الحبشة لا تعرف أحدا زيادة
على كل هذا إنجابها لحبيبة فماذا تفعل و أين َتفر من أحزانها فكان َملجؤها الوحيد هو صبرها لله عزوجل
فحبست نفسها في ’غرفتها لعلها ’تخفف عنها بالبكاء و لكن الله كان ’يتابعها فجزاها الله خير جزاء و عوضها
على كل ما سلف لأن الرسول َسمع بما حصل لها فأرسل جاريته إلى ملك الحبشة النجشي ليطلب منه
أن يخطب له أم حبيبة فأرسل النجاشي جاريته إلى أم حبيبةفطرقت عليها الباب فلم تفتح لها فغادرت
الجارية إلى الملك و أخبرته فقال لها الملك عودي إليها و عند طرقك الباب قولي لها إني ’مرسلة من
الرسول ففعلت الجارية ما أمرها الملك فسارعت أم حبيبة لفتح الباب فقالت الجارية أنّ الرسول أرسل
لخطبتك من النجشي فما تقولين فقالت أم حبيبة ما قلت فأعادته الجارية عليها ثم قالت أعيدي ذلك فتقول
أم حبيبة أن الجارية أعادت القول على مسمعها أربع مرات ففرحت أم حبيبة و ’خطبت للرسول فذبح
النجاشي الذبائح و أقام الولائم و لكنها لم تلتحق بالرسول إلا بعد خمس سنوات و لما َسمع أبو سفيان
بزواج ابنته بالرسول َفرح رغم ’كرهه للرسول لأنه أخيرا وجدت ابنته من يتكفل بها و ’يعوضها
لقد كانت عـودة المهاجـرة ( أم حبيبة ) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر ، عادت مع جعفر
بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة ، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور
لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل ، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة000وقد قال الرسـول -صلى اللـه
عليه وسلم- :والله ما أدري بأيّهما أفرحُ ؟ بفتح خيبر ؟ أم بقدوم جعفر )000
الزفاف المبارك
وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة ، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم-
بالسرور والبهجة ، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات ، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة
بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات ، وقد أولم خالها عثمان بن
عفان وليمة حافلة ، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم000
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب ، ومن بينهن العروس الجديدة ( صفية )
التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات ، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة
التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين رأتها وقد قاربت سن الأربعين ، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها
الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة000
أبو سفيان في بيت أم حبيبة
لقد حضر أبو سفيان ( والد أم حبيبة ) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل
الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية ، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب ،
فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته ( زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم
حبيبة ، وفوجئت به يدخل بيتها ، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة ، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه
لكونه مشركاً ؟ أم تستقبله لكونه أباهـا ؟000وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته ، فأعفاها من أن تأذن له
بالجلـوس ، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، فما راعه إلا
وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه ، فسألها بدهشة فقال : يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني ؟ أم بي
عنه ؟)000فقالت أم حبيبة : بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ
)000فقال : يا بُنيّة ، لقد أصابك بعدي شرٌّ )000ويخرج من بيتها خائب الرجاء000
إسلام أبو سفيان
وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان ، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال : من دخل دار أبي سفيان
فهو آمن ، من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن )000ووصل هذا الحدث المبارك الى
أم المؤمنين ( أم حبيبة ) ففرحت بذلك فرحاً شديداً ، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في
إسلام أبيها وقومها000
وفاتها
وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت : قد كان يكون بيننا ما يكون بين
الضرائر ، فتحلَّليني من ذلك )000فحلّلتها واستغفرت لها ، فقالت : سررتني سرّك الله )000وأرسلت بمثل
ذلك الى باقي الضرائر000وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها- سنة أربع وأربعين من الهجرة ، ودفنت بالبقيع0
مسألة مهمة يجب الوقوف عندها
حديث عكرمة بن عمّار، عن أبي زُميل، عن ابن عباس أن أبا سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
((أَسْأَلُكَ ثَلاَثَاً، فَأعْطَاهُ إيَّاهُنْ، مِنْهَا: وَعِنْدِي أَجْمَلُ العَرَبِ أُمُّ حَبِيبَةَ أُزَوِّجكَ إِيَّاهَا)).
فهذا الحديث غلط لا خفاء به، قال أبو محمد بن حزم: وهو موضوع بلا شك، كَذَبَهُ عكرمة بن عمار، وقال ابن
الجوزي في هذا الحديث: هو وهم من بعض الرواة، لا شك فيه ولا تردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار، لأن
أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبد اللّه بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان
إلى أرض الحبشة
وللجمع بين الحديث وما صح من اقوال اهل العلم قيل انه كان لابي سفيان ابنة اخرى تكنى ايضا بام حبيبة
فاحب ان يزوجها له ايضا ولكن اهل العمل استشكلوا ان في الحديث طلب من ابي سفيان بقيادة الجيش
ومحاربة الكفار مع النبي وان النبي قال له نعم او وعده بذلك وما سمعنا ان ابا سفيان ولي على جيش من
جيوش المسلمين
هذا والله اعلم واعز واكرم
واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين