الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين
احمده سبحانه حمد العارف بفضله المعترف بجميل نعمه الراجي عفوه الخائف من عقابه
واصلي واسلم على خير خلقه ومن لا نبي بعده رحمة الله للعالمين سيد الاولين والاخرين شفيعنا يوم الدين وعلى اله وصحبه
الطيبين الطاهرين وبعد؛
يقول الله عز وجل {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة
ورزق كريم}
فقد استفدنا مما سبق ذكره ان الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء يختار
أي يخلق سبحانه خلق في الكون المتباينات والاختلاف سنة كونية ولولاها لما عمرت الارض ولا كانت الحكمة من الابتلاء والاختبار
وما كان هناك صراعا بين المتضادات من خير وشر وحسن وقبح وجمال ودمامة وابيض يشع نورا واسود يكتمه ومنعه
هكذا خلق الله الخلق واختار سبحانه من كل صنف انفعه وافضله ليميز سبحانه بين الخبيث والطيب والحسن والسئ وليكن عند
الناس نماذج يقاس عليها فيحاول من كانت فيه صفة قبيحة ان يحسنها ليصل بها الى اقرب ما يكون من النموذج المقابل لها في
الحسن وهكذا
ولذك التباين كانت النتائج ايضا متباينة فالسعادة متلازمة مع الطيب والشقاوة متلازمة مع الخبث وهكذا فالطيب لا يحب الا الطيب
ولا يقبل ان يكون الا طيبا ولا يقبل ان يتصف الا بالاوصاف الطيبة والاخلاق الحسنة فيكون بذلك حقيقا بالسعادة وغلى النقيض
فالشقي هو في اصله خبيث لا يرضى الا بالخبث ولا يصدر منه الا الخبيث من الاقوال والافعال والصفات وكذلك يكون جزاؤه خبيث
وهو الشقاوة والحرمان من السعادة
وهنا يقصد بالسعادة السعادة الحقيقية لا السعادة المزيفة السعادة الدائمة التي يلقى العبد اثرها في قلبه لا السعادة الذائلة
التي لا يبقى بعدها في قلب العاصي الا الندم
ولا يكون عاقبتها الا الخسران والخذلان
وهناك من الخلق من يجمع بين الامرين في قلبه الطيب والقبح معا ويكون اميل الى ما غلب منهما ومنهم من يتردد بين ذلك وتلك
{مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء}
والى هنا انتهت مقدمة الكتاب تلك الخطبة العصماء الشاملة التي بين فيها المصنف بطريقة بديعة اهمية دراسة سيرة النبي
محمد صلى الله عليه وسلم فهو الانموذج الذي وضعه رب العالمين للناس ليحزو حزوه ويقتدو باخلاقه ويهتدوا بهديه وبذلك ينالون
سعادة الدارين ولا وصول لهذه السعادة الا من هذا السبيل فكما انه لا سبيل لدخول الجنة الا من ورائه فكذلك لا سبيل لاسبابها
الا من خلاله
هذا واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد ابن عبد الله النبي الامين وعلى اله وصحبه
ومن تبعه باحسان الى يوم لدين
فقد قال الله وجل من قائل عليما "يا ايها الذين امنو صلو عليه وسلموا تسليما "
اللهم صل وسلم وزد وبارك على الحبيب المحبوب من انرت به العقول والقلوب
صلاة وسلاما يليقان بقدره وعظيم شرفه
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ او نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء
احسن الله الى اخوتي حسن انصاتهم وجمعني الله بهم في جنته ومستقررحمته انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
[img]
[/img]